أنت تشاهد إجابة منفردة، يمكنك استخدام الزر المجاور لتصفح جميع الإجابات.
اطلع على جميع الإجاباتبالطبع لا يمكن لشعب لا يحترم لغته أن يبقى فضلا عن أن يتقدم . الإنسان حيوان ناطق ، أي مفكر فما يميز الإنسان (الوحدة البنائية للشعب) عن باقي الكائنات الحية هو الفكر ، ووسيلة نقل هذا الفكر للغير لكي يتم إثراءه أو دحضه هي اللغة ، فاللغة هي الوجه الثاني للفكر. اللغة وتأثيرها على رؤية العالم من حولنا ، فهي تمثل النافذة التي نرى من خلالها العالم ، فإذا كانت لغة كالإنجليزية تعتبر كلمة uncle تمثيلا للعم والخال في نفس الوقت فإن أي شخص لغته الأم الإنجليزية لا يفرق بين معنى العم والخال لأن لغته تدلل عليهما معا بنفس اللفظة بينما العربية تفرق بينهم . وهنا يجب أن نفرق بين اللغة بمعنى اللسان واللغة بمعنى اللغة . اللغة هي الألفاظ والتراكيب المنطوقة وفقط أما اللسان فإنه اللغة بالإضافة إلى مخوزنها الحضاري والثقافي وهذا هو المعنى الذي أستخدمه هنا . اللغة هي الوجه الثاني للفكر ومن يجيد لغته لا بد أن يعجب بتاريخها وفكرها ويصير له إنتماء من نوع ما إلى هذه الأمة (الشعب). فإذا كنا نرى العالم عبر منظار اللغة (وهو اسم كتاب رائع يدور حول هذا السؤال بالمناسبة) فلابد لها أن تؤثر على كل ما نقدمه لهذا العالم سواء كان ما نقدمه ماديا أو معنويا ، فمسجد عمرو بن العاص الذي بني في مصر بعد الفتح الإسلامي يختلف عن المساجد التي بناها الهنود عن تلك التي بناها الأندلسيين عن مسجد رسول الله الذي ظل مفروشا بالحصى حتى عهد عمر ، لأن كلا منهم له لسانه (اللغة والموروث الثقافي والحضاري) الذي انعكس على رؤيته لأمر بناء المسجد . هنا قد علمنا أهمية اللغة ومدى تأثيرها على الفكر ومن ثم على المنتج المادي . فإذا أخذنا بالاعتبار شعب لا يحترم لغته فهذا يعني أنه لا يحترم بالتبعية موروثه الحضاري والثقافي ، كيف يمكن لهذا الشعب أن يتعامل مع أي من الشعوب الأخرى إلا أن يكون مطأطأ الرأس ذليلا لشعوره بمهانة موروثه الحضاري ، وعلى هذا لا يأمل أبدا أن يحترمه غيره .