كلما فتحت اليوتيوب و المنصات الأخرى، أجد أن عدد المشاهدات للعديد من لفيديوهات الطبخ يتعدى المليون مشاهدة، هل هناك تفسير لهذا، خصوصا أن الكثير لا يملك الأدوات أو الموارد لطبخ مثل هذه الوصفات، هل الموضوع متعلق بالملل أو هل هو تريند و سيتم استبداله لاحقا؟
أهلاً شيماء ..
حقيقة سؤالك يحتاج إلي دراسة موسعة تحاول إحاطة الموضوع من جوانبه المتعددة، لكن إجمالاً، يمكننا تفسير تلك المشاهدات الواسعة للمحتوى المهتم بالمطبخ والمنزل وما يستتبعه من حكايات بعض أصحاب هذا المحتوى عن حياتهم الشخصية، يمكن تفسير ذلك من خلال بعدين: بُعد عام، وبُعد متعلق بالظرف الحالي الخاص بأجواء الحظر وانتشار فيروس كورونا ..
البُعد الأول: أن نوعية هذا المحتوى تخاطب حاجات الإنسان الأولية، والتى يشترك فيها الجميع، بمختلف مستوياتهم الإجتماعية والفكرية، فكرة صُنع الطعام -حتى وإذا لم يكن في الإمكان تطبيقه سواء لضعف الإمكانيات أو ضيق الوقت أو أى سبب آخر - تخاطب فضول الإنسان وحبه للطعام و رؤية السلوى فيه أحياناً، فضلاً عن عنصر الصورة الجمالية المنمقة الجاذب بطبيعته!
الأمر الآخر في هذا السياق، هو ما تجده النساء خصوصاً، في تمثيل ذاتها واهتمامها أو مهمتها الأساسية التى تستحوذ علي جلّ وقتها تقريباً فى هذا المحتوى ونمط تقديمه الذى يأخذ شكلاً حميمياً بين صاحبة المحتوى ومتابعيها، فيخرج عن طبيعته "الوظيفية" بتعليم وصفات جيدة للأكل، لوظيفة إجتماعية أخرى بإيجاد دائرة اهتمام ومتابعة ومشاركة مع آخرين لديهم نفس الاهتمام! ومن هنا يمكننا أن نفهم طبيعة هذا المحتوى والذى يكون فيه من تفاصيل الحياة اليومية أكثر مما فيه من وصفات الطعام!
البُعد الثانى، وهو متعلق بظرف الحظر وأجواء انتشار فيروس كورونا؛ هناك قاعدة أساسية فى الممارسة الإعلامية تسمى "high fear appeals “ ويقصد بها أنه عندما تزيد مشاعر الخوف والارتباك عن حد معين، يلجأ الناس عادة إلى محتوى إعلامى يشتت هذا الخوف وعادة ما يكون ذا طبيعة ترفيهية، ومن هنا يمكننا تفسير زيادة عادة المشاهدات لهذا المحتوى خلال هذه الفترة، ففضلاً عن الفراغ والملل والحاجة إلي ملء الوقت بما لا يُرهق الذهن، هناك أيضاً الخوف الذى يدفع الإنسان إلي تبديده بمتابعة محتوى لا يتقاطع ومصدر هذه المخاوف.